[١.] «التصحر »!
توطئة :
خطأٌ فادحٌ أن نحكم علىٰ الأحداث من خلال عواطفنا دون إعمال العقل، وخطيئةٌ كبرىٰ أن نقيِّم المواقف وفق مشاعرنا دون إدراك الحقائق؛ والربط المحكم بين المعلومات الصحيحة وبين الفهم العميق بوعي لواقع ملموس وإستنارة ذهنية لمدلولات المعلومات، وخروجٌ عن السياق الحضاري لدور الإنسان في المجتمع أن نسير أعمالنا وفق المصلحة الشخصية الآنية؛ وأن نتصرف بما يتمشىٰ مع منافعنا الفردية الوقتية؛ أو يتركز في أذهاننا العمل لصالح التنظيم والتكتل أو الحزب والمؤسسة التي ينتمي إليه الفرد؛ دون الإنتماء للفكر الأساسي المبدئي؛ أو الإيديولوجية التي بُني عليها التنظيم أو الحزب نفسه؛ فنهمل مصلحة المجتمع والوطن والدولة ونغمض العين عن منافع الأمة ومصالح الناس؛ وقد فشا في المجتمعات أمثالٌ تظهر حالة التردي التي وصل إليها الأفراد مثل :"إن فاتك الميري (الحكومة/الدولة) تمرغ في ترابه"؛ "أنا وأخي على ابن عمي؛ وأنا وابن عمي علىٰ الغريب"، كما وأنه إفسادٌ في الأرض أن يكتسي الذئب البشري شعار مِسْحِ العُبَّاد ويقترب من العامة بــلبس مُسوحَ الرُّهبان فيتظاهر بــ بالبراءة والطِّيبة؛ فيلبس البعض أقواله سربال الدين وأحاديث موضوعة؛ فيأتي مَن في قلبه مرض فيلبس علىٰ الناس ما ليس من التنزيل فيخترع مسميات جديدة باطلة فتلهث التنظيمات الفارغة من المبدأ الصحيح -الإيديولوجية- وعديمة الكيفية والطريقة في إيجاده -الإستراتيجية- خلفها؛ كـ العطشان في صحراء جرداء خلف السراب؛ فيدعي زورا وبهتاناً مصطلح -علىٰ سبيل المثال وليس الحصر- جديد كـ الإسلام "السياسي"،ومن الإنتحار السياسي ضعف الوعي ببيئته ومحيطه وإقليمه والعالم عند القائم علىٰ العمل الجمعي؛ ويشق بيده قبره مَن يعيش علىٰ أمجاد الماضي ويتمثل بشخصيات تاريخية عاشت عصرها وعملت لزمنها ويتناسىٰ عن عمد أو جهل يومه الحالي وواقعه الموآتي ويغفل حاضره المعاش؛ فعينٌ تقع علىٰ الماضي بحضارته لقراءته بفهم وبصيرة وعلىٰ ميراثه لمراجعته بتمعن وأخذ الدروس والعبر؛ والعين الآخرىٰ تنظر لحاضرٍ بواقعِ اليوم وتستشرف مستقبل الأمة؛ بربطٍ في عقل منفتح وذهن بصير وإدارك واع وفهم عميق، فليس بسيف صلاح الدين الأيوبي؛ الرجل ذي الأصول الكردية سيحرر الأقصىٰ؛ كما أننا لا نعيش زمن المعز لدين الله الفاطمي :" إذ لما سألوه عن نسبه؛ نثرَ لهم الذهبَ ورفعَ لهم السيف وقال: هذا نسبي -الدنانير- وهذا حسبي. ومن هنا انتشرت المقالة "ذهب المعز وسيفه"؛ وليس بقراءة صحيح البخاري سنسير البواخر؛كما فعلت الدولة العثمانية في أواخر أيامها فرد عليهم الرصافي؛ الشاعر العراقي بقوله :" بالبخار تسير السفن والبواخر في البحار وليس بقرأة صحيح البخاري".
ــــــــــــــــــــــــ