|
كان بنو إسرائيل يحبون نبيهم العادل ((داود)) عليه السلام و يترددون عليه ليحل مشاكلهم و قد اعتاد نبي الله أن يحضر ابنه الصغير ((سليمان)) البالغ من العمر أحد عشر عاما إلى مجالس القضاء و كان يشاوره في اموره رغم صغر سنه لحكمته و غزارة علمه . وذات يوم تقدم إليه رجلان فقال أحدهما ((يا نبي الله إن لي زرعا قد اخضر و نما فانفلت فيه غنم هذا الرجل فأكلته و أفسدته دون أن يردها الراعيها أو يمنعها)).
نظر النبي ((داود)) عليه السلام في وجه صاحب الغنم فرآه حزينا صامتا فانتظره حتى يدافع عن نفسه أو يخالف حديث صاحبه و لكنه رآه موافقا ففكر قليلا ثم قضى أن يأخذ صاحب الزرع غنم الرجل كثمن لزرعته التي أتلفته الغنم و عقوبة لصاحبها الذي أهملها و تركها ترعى في الزرع ليلا .
أخذ الفتى ((سليمان)) يفكر بالقضية و بحكم والده ((داود)) و يتساءل : ((أيوجد حكم آخر أستطيع أن أحقق به العدل أنا أيضا ؟)) و ما لبث أن خرج الفتى الذكي ((سليمان)) بفكرة مدهشة و بأدب و جرأة قال: ((هل تأذن لي يا أبتي بأن أحكم بالقضية بحكم آخر)) رحب ((داود)) عليه السلام بذلك فقال الفتى ((أرى أن يأخذ صاحب الزرع غنم الرجل فينتفع بها و يأخذ صاحب الغنم أرض صاحب الزرع فيزرعها حتى تعود كما كانت قبل أن تفسدها الغنم ثم يسترد صاحب الزرع أرضه و ترجع الغنم لصاحبها)) .
أدهش الفتى ((سليمان)) الحضور بحكمه أما أبوه نبي الله ((داود)) فقد غمر الرضا قلبه و أحس بالسعادة لقضاء ابنه ((سليمان)) الذي يراه يوما بعد يوم يعلو شأنه و يزداد علمه و كان في هذا الموقف درس لكل حاكم وقاض في التواضع و الرجوع عن رأيه إن وجد رأيا أفضل من رأيه و حكما أفضل من حكمه و مضت الأيام و كبر ((سليمان)) فاختاره الله ليرث عن أبيه الملك و النبوة في بني إسرائيل.
|
|