بالأمس طرق الحب بابي ...
لم أفتح له... ولم ينتظر طويلاً ... كان على موعد مع عشاق العالم ليحتفلوا
به ... فمضى إليهم ... وبقيت أنا وحدي ... في انتظار عام آخر يطرق فيه
الحب بابي ... فأفتحه له وأنتِ معي "...!!
سيدتي البعيدة جداًً من موقعي ... القريبة جداًً من أعماقي ... لا أعلم ...
هل تضخم بي الحزن فأصبحت أكبر من الوجود..؟.. أم ضاق بي الوجود ... فأصبح
أصغر من حزني ..؟
النتيجة واحدة ياسيدتي ... فبقعة الأرض هذه ماعادت تتسع لي ... فبقعة الأرض
التي كنت أقف عليها ... أصبحت تقف عليّ ... والحمل أكبر من الكتابة ...
والحمل أثقل من التنفس...!!
وحاجتي إلى التنفس جعلتني أبحث عن وطن يكتظ بالهواء ... وطن يمنحني الحياة
بلا حدود ... وطن يعيد الأرض إلى قدمي ... ويعيد قدمي إلى الأرض ... وطن
يجعلني فوق الأرض ... ويجعل الأرض تحتي رحبة واسعة كأحلام طفولتي ...
وماأظنكِ ذلك الوطن ... أو هكذا يخيل إليّ ... أو هكذا تمنيت دائماً...!!
وليس كل ماتمنيته منحتني إياه الحياة ... بالرغم من أني منحتها الكثير منيّ
... ظننتها ستشبهني ... ستقلدني في العطاء ... لكنها خذلتني ... سرقتني
... وأخذت كل شيء ولم تمنحني أي شيء ...!!
فيا وطني من أين أبدأ...؟؟
من البداية التي ماعدت أذكرها ..؟.. أم من النهاية التي لاأريد أن اذكرها
..؟.. فأحياناً تتشابه بداياتنا ونهاياتنا حد الملل...!!
فياسيدتي... أجيبيني ... من أنا ..؟.. وعلى أي المحطات أقف ألآن ..؟..
ولماذا أقف في إنتظار معجزة تعيدني الى الحياة ... أو تعيد الحياة إليّ..؟
لا تندهشِ لسخافة سؤالي ... فأنا أضعت "أنا"... وجئتك أبحث عني ... عن "
أنا"... عن ذاتي ... ليقيني اني لن أجد نفسي الحقيقية إلا لديكِ...!!
فأنتِ أصولي ... وجذوري ... فأعماقكِ هي صندوقي الذي أخبأ فيه كل ماأخشى
عليه من الأيام ... فذات يوم خبأت نفسي الحقيقية فيكِ ... نفسي التي تشبهكِ
وتشبهني ... وغادرتك بالنفس الأخرى ... التي تشبههم ولا تمت لكِ أولى
بصله...!!
كنت سعيداً بهذه النفس ... لقدرتها على التأقلم مع عالمهم التافه ... وأجدت
دوري ببراعة ... وكثيراً ماصفقت لنفسي بيني وبين نفسي ... لكنني ألآن
أشتاق الى نفسي الحقيقية ... تلك التي خبأتها فيكِ ... فجئتكِ وفي داخلي
رعب الدنيا كله ... أن تكونِ قد فتحتي لها أعماقكِ ذات ليلة باردة وأطلقتِ
سراحها منكِ...!!
تُرى .. هل مازلتِ تحتفظين بي..؟..
هل مازلتِ تحتفظين بالنسخة الأصلية لملامحي..؟..
اشتاق إلى ملامحي القديمة .. فهل سأراها في مرآتك..؟
خدعتني مراياهم كثيراً ياسيدتي ... منحتني وجهاً ليس وجهي ... وجسداً ليس
جسدي ... وأحلاماً ليست أحلامي ... تضخمت في أعينهم في الوقت الذي كنت
أتضاءل فيه في عيني ...
وسافرتُ ... سافرتُ في كل القلوب ... وكنت أترك في كل قلبٍ حلماً ناقص
النمو ... وأرحل ... أغادر أعماقهم متسللاً كاللصوص ... وأحرص حرصاً تاماً
ألا أترك خلفي شيء كي لا يعيدهم الى عالمي الذي لا يتسع إلا لكِ ...
أرحل بحثاً عن حكاية جديدة ... حكاية مختلفة في فصولها ... وطقوسها ...
وتضاريسها ... لكنني إكتشفت أن الحكايات تتشابه ... وأن الفصول تتشابه ...
والتضاريس تتشابه ... إلا الإحساس ...!!
وحده الإحساس ... ياسيدتي يبقى مختلفاً كبصمات الأنامل ... فعشت سنوات أبحث
عن ذلك الإحساس المختلف ... لكن ذلك الإحساس لم يأتِ بعد ... وربما لن
يأتِ أبداً ... وهنا تكمن مرارة اليقين ...!!
اليقين بأن القادم لن يكون أفضل ... ولن يكون أجمل ... ولن يكون مختلفاً
... وأنكِ وحدكِ الشيء المختلف ... الذي لا يشبهه في قلبي أو حلمي أو خيالي
شيء...!!
فياسيدتي الوطن ... وياوطني السيدة ...!! نمتُ عميقاً ... نمتُ طويلاً ...
واستيقضتُ بالأمس ... ولا أعلم لماذا استيقضت ... وأي صرفة قاسية للواقع
أيقضتني وزلزلت أحلامي ... فإذا بالوجوه ليست بالوجوه ... وإذا الأصوات
ليست هي الأصوات ... وإذا الأماكن ليست هي الأماكن ... ولا الأحلام هي
أحلامي ... ولا الزمان هو زماني ... ولا أنا الذي يعرفونه ... هو أنا الذي
أعرفه أنا ... وتعرفينه أنتِ ... فجأة شعرت ياسيدتي بأنني خارج نطاق الزمان
والمكان والأحلام ... وبأن أحلامي كانت ضرباً من الوهم والجنون والشقاء
... والغباء...!!
فذات يوم ياسيدتي ... كنت سيد الحلم في عالم بنفسجي اللون ... مخملي الملمس
... ذات يوم كانت لديّ قدرة الحلم بالمستحيل الجميل... فحلمتُ بما لم يحلم
به رجلٌ قبلي ... مارستُ كل أنواع الأحلام المستحيلة ياسيدتي ... تضخمت
الأحلام قدر استطاعتي ... ولم أدرك إلا بعد فوات الأوان ... أن للأحلام
عمله تدفع من رصيد العمر ... فما أبهظ ثمن الأحلام ياسيدتي ...!!
فياسيدتي الحلم ... هل تعلمين أنكِ الحلم الذي دفعت ثمنه من رصيد سنواتي
... وأعلنت إفلاسي من الألم والأحلام بعدكِ ... وكل الأحلام التي عشتها بعد
رحيلكِ كانت بلا ثمن ...!!
أول الهمس :-
هل أدركتِ ألآن من أنتِ ..؟.. من تكونين..؟.. وأين موقعكِ فوق خارطة قلبي
..؟.. وماحجم وجودكِ فوق خارطة أحلامي..؟
آخر الهمس :-
أحبكــ ولاأضع نقطه آخر السطر ـــ
* من اروع ما قرات *
دمتِم بود
" يبدو أني خرجت بها أيضاً إلى كهف أحزاني لكن أرجو أن تلقى صداها